قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال:"وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين"، في سياق قوله:"اذكروا نعمة الله عليكم"، ومعطوفٌ عليه. (?)
ولا دلالة في الكلام تدلّ على أن قوله:"وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين" مصروف عن خطاب الذين ابتدئَ بخطابهم في أوّل الآية. فإذ كان ذلك كذلك، فأنْ يكون خطابًا لهم، أولى من أن يقال: هو مصروف عنهم إلى غيرهم.
فإن ظن ظان أن قوله:"وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين"، لا يجوز أن يكون لهم خطابًا، (?) إذ كانت أمة محمَّد قد أوتيت من كرامة الله جلّ وعزّ بنبيِّها عليه السلام محمّدٍ، ما لم يُؤتَ أحدٌ غيرهم، (?) =وهم من العالمين= (?) فقد ظنَّ غير الصواب. وذلك أن قَوله:"وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين"، خطاب من موسى صلى الله عليه وسلم لقومه يومئذٍ، وعنى بذلك عالمي زمانه، لا عالمي كل زمان. ولم يكن أوتي في ذلك الزمان من نِعَم الله وكرامته، ما أوتي قومُه صلى الله عليه وسلم، أحد من العالمين. (?) فخرج الكلام منه صلى الله عليه على ذلك، لا على جميع [عالم] كلِّ زمان. (?)
* * *