القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات"، وعد الله أيها الناس الذين صدّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به من عند ربهم، وعملوا بما واثقهم الله به، وأوفوا بالعقود التي عاقدَهم عليها بقولهم:"لنسمعن ولنطيعنَّ الله ورسوله" فسمعوا أمر الله ونهيه وأطاعوه، فعملوا بما أمرهم الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه. (?)
ويعني بقوله:"لهم مغفرة" لهؤلاء الذين وفوا بالعقود والميثاق الذي واثقهم به ربهم="مغفرة" وهي ستر ذنوبهم السالفة منهم عليهم وتغطيتها بعفوه لهم عنها، وتركه عقوبتهم عليها وفضيحتهم بها (?) ="وأجر عظيم" يقول: ولهم مع عفوه لهم عن ذنوبهم السالفة منهم، جزاءً على أعمالهم التي عملوها ووفائهم بالعقود التي عاقدوا ربهم عليها="أجر عظيم"، و"العظيم" من خيره غير محدود مبلغه، ولا يعرف منتهاه غيره تعالى ذكره. (?)
* * *
فإن قال قائل: إن الله جل ثناؤه أخبر في هذه الآية أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولم يخبر بما وعدهم، فأين الخبر عن الموعود؟
قيل: بلى (?) إنه قد أخبَر عن الموعود، والموعود هو قوله:"لهم مغفرة وأجر عظيم".