عنى بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، حرائرَ المؤمنين وأهل الكتاب. لأن الله جل ثناؤه لم يأذن بنكاح الإماء الأحرارِ في الحال التي أباحهن لهم، إلا أن يكنَّ مؤمنات، فقال عز ذكره: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) [سورة النساء: 25] ، فلم يبح منهن إلا المؤمنات. فلو كان مرادًا بقوله:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب"، العفائفَ، لدخل العفائف من إمائهم في الإباحة، وخرج منها غير العفائف من حرائرهم وحرائر أهل الإيمان. وقد أحل الله لنا حرائر المؤمنات، وإن كن قد أتين بفاحشة بقوله: (وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) [سورة النور: 32] . وقد دللنا على فساد قول من قال:"لا يحلُّ نكاح من أتى الفاحشة من نساء المؤمنين وأهل الكتاب للمؤمنين"، في موضع غير هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (?)

= فنكاح حرائر المسلمين وأهل الكتاب حلال للمؤمنين، كن قد أتين بفاحشة أو لم يأتين بفاحشة، ذميةً كانت أو حربيّةً، بعد أن تكون بموضع لا يخافُ الناكح فيه على ولده أن يُجْبر على الكفر، بظاهر قول الله جل وعز:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم".

* * *

فأما قول الذي قال:"عنى بذلك نساء بني إسرائيل، الكتابيّات منهن خاصة" (?) فقول لا يوجب التشاغل بالبيان عنه، لشذوذه والخروج عما عليه علماء الأمة، من تحليل نساء جميع اليهود والنصارى. وقد دللنا على فساد قول قائل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015