*ذكر من قال ذلك:

10913- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"أوفوا بالعقود"، قال: العهود التي أخذها الله على أهل الكتاب: أن يعملوا بما جاءهم.

10914- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني يونس قال، قال محمد بن مسلم: قرأت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه على نَجْران (?) فكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم، فيه:"هذا بيان من الله ورسوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، فكتب الآيات منها حتى بلغ"إن الله سريع الحساب". (?)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، ما قاله ابن عباس، وأن معناه: أوفوا، يا أيها الذين آمنوا، بعقود الله التي أوجبَهَا عليكم، وعقدها فيما أحلَّ لكم وحرم عليكم، وألزمكم فرضه، وبيَّن لكم حدوده.

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من غيره من الأقوال، لأن الله جل وعز أتبع ذلك البيانَ عما أحل لعباده وحرم عليهم، وما أوجب عليهم من فرائضه. فكان معلومًا بذلك أن قوله:"أوفوا بالعقود"، أمرٌ منه عبادَه بالعمل بما ألزمهم من فرائضه وعقوده عقيب ذلك، ونَهْيٌ منه لهم عن نقض ما عقده عليهم منه، مع أن قوله:"أوفوا بالعقود"، أمرٌ منه بالوفاء بكل عقد أذن فيه، فغير جائز أن يخصَّ منه شيء حتى تقوم حجة بخصوص شيء منه يجب التسليم لها. فإذْ كان الأمر في ذلك كما وصفنا، فلا معنى لقول من وجَّه ذلك إلى معنى الأمر بالوفاء ببعض العقود التي أمرَ الله بالوفاء بها دون بعض.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015