174

وقد ذكرت اختلاف المختلفين في ذلك فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (?)

* * *

وقوله:"وأما الذين استنكفوا واستكبروا"، فإنه يعني: وأما الذين تعظَّموا عن الإقرار لله بالعبودة، والإذعان له بالطاعة، واستكبروا عن التذلّل لألوهته وعبادته، وتسليم الربوبيّة والوحدانية له="فيعذبهم عذابًا أليمًا"، يعني: عذابًا موجعًا="ولا يجدون لهم من دون الله وليًّا ولا نصيرًا"، يقول: ولا يجد المستنكفون من عبادته والمستكبرون عنها، إذا عذبهم الله الأليم من عذابه، سوى الله لأنفسهم وليًّا ينجيهم من عذابه وينقذهم منه="ولا نصيرًا"، يعني: ولا ناصرًا ينصرهم فيستنقذهم من ربهم، ويدفع عنهم بقوّته ما أحلَّ بهم من نقمته، كالذي كانوا يفعلون بهم إذا أرادهم غيرهم من أهل الدنيا في الدنيا بسوء، من نصرتهم والمدافعة عنهم. (?)

* * *

القول في تأويل قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) }

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم"، يا أيها الناس من جميع أصناف الملل، يهودِها ونصاراها ومشركيها، الذين قص الله جل ثناؤه قَصَصهم في هذه السورة="قد جاءكم برهان من ربكم"، يقول: قد جاءتكم حجة من الله تبرهن لكم بُطُولَ ما أنتم عليه مقيمون من أديانكم ومللكم، (?) وهو محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جعله الله عليكم حجة قطع بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015