وَصَفنا أمرَهم من أهل الكتاب - سوالفَ نعمه على آبائهم، وأياديَه عند أسلافهم، عند إنابتهم إليه، وإقبالهم إلى طاعته، مُستعطفَهم بذلك إلى الرشاد، ومُستعتِبَهم به إلى النجاة. وحذَّرهم - بالإصرار والتمادي في البغي والضلال - حلولَ العقاب بهم، نظيرَ ما أحلّ بعدوِّه إبليس، إذ تمادَى في الغيّ والخَسَار (?)
قال: وأما تأويل قوله:"سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا"، فهو كما:-
674 - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس:"قالوا سبحانك" تنزيهًا لله من أن يكون أحدٌ يعلم الغيبَ غيرُه، تُبنا إليك"لا علم لنا إلا ما عَلَّمتنا"، تبرِّيًا منهم من علم الغيب،"إلا ما علَّمتنا" كما علمت آدم (?) .
وسُبحان مصدر لا تصرُّف له (?) . ومعناه: نسبِّحك، كأنهم قالوا: نسبحك تسبيحًا، وننزهك تنزيهًا، ونبرّئك من أن نعلم شيئًا غير ما علمتنا.
* * *
القول في تأويل قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}
قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: أنك أنت يَا ربنا العليمُ من غير تعليم بجميع ما قد كان وما وهو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك. وذلك أنّهم نَفَوْا عن أنفسهم بقولهم:"لا علمٌ لنا إلا ما علَّمتنا"، أن يكون لهم علم إلا ما علمهم ربهم، وأثبتوا ما نَفَوْا عن أنفسهم من ذلك لربهم بقولهم:"إنك أنتَ العليم"،