قيل: قد قالت العلماء من أهل التأويل في ذلك أقوالا. ونحن ذاكرو أقوالهم في ذلك، ثم مخبرون بأصحِّها برهانًا وأوضحها حُجة. فروي عن ابن عباس في ذلك ما:
606- حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: كان إبليس من حَيٍّ من أحياء الملائكة يقال لهم"الحِنّ"، خُلقوا من نار السَّمُوم من بين الملائكة (?) قال: وكان اسمه الحارث، قال: وكان خازنًا من خُزَّان الجنة. قال: وخُلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحيّ. قال: وخلقت الجنّ الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار - وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت. قال: وخُلق الإنسان من طين. فأوّل من سكن الأرضَ الجنُّ. فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضًا. قال: فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة -وهم هذا الحي الذين يقال لهم الحِن (?) - فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال. فلما فعل إبليس ذلك اغترّ في نفسه. وقال:"قد صنعتُ شيئًا لم يصنعه أحد"! قال: فاطَّلع الله على ذلك من قلبه، ولم تطلع عليه الملائكة الذين كانوا معه. فقال الله للملائكة الذين معه:"إني جاعلٌ في الأرض خليفة". فقالت الملائكة مجيبين له:"أتجعلُ فيها من يُفسد فيها ويَسفِك الدماء"، كما