الله لا يخشى أن يصف شبهًا لما شبّه به (?) .

وأما "ما" التي مع "مثل"، فإنها بمعنى "الذي"، لأن معنى الكلام: إن الله لا يستحيي أن يضرب الذي هو بعوضةً في الصغر والقِلة فما فوقها - مثلا.

فإن قال لنا قائل: فإن كان القول في ذلك ما قلت (?) ، فما وجه نصب البعوضة، وقد علمتَ أنّ تأويل الكلام على ما تأولت (?) : أن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا الذي هو بعوضة؛ فالبعوضةُ على قولك في محل الرفع؟ فأنى أتاها النصب؟

قيل: أتاها النصب من وجهين: أحدُهما، أن"ما" لما كانت في محل نصْب بقوله"يضرب"، وكانت البعوضة لها صلة، عُرِّبت بتعريبها (?) فألزمت إعرابها، كما قال حسان بن ثابت:

وَكَفَى بِنَا فَضْلا عَلَى مَنْ غَيْرِنَا ... حُبُّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ إِيَّانَا (?)

فعُرِّبت"غيرُ" بإعراب"من". والعرب تفعل ذلك خاصة في"من" و"ما" (?) ، تعرب صِلاتهما بإعرابهما، لأنهما يكونان معرفة أحيانًا، ونكرة أحيانًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015