قال أبو جعفر: وأولى التأويلات بتأويل الآية، قول من قال في ذلك:"يا أيها الذين آمنوا"، يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله،="اصبروا" على دينكم وطاعة ربكم. وذلك أنّ الله لم يخصص من معاني"الصبر" على الدين والطاعة شيئًا، فيجوز إخراجه من ظاهر التنزيل. فلذلك قلنا إنه عني بقوله:"اصبروا"، الأمرَ بالصبر على جميع معاني طاعة الله فيما أمر ونهى، صعبها وشديدها، وسهلها وخفيفها. (?)

="وصابروا"، يعني: وصابروا أعداءكم من المشركين.

* * *

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن المعروف من كلام العرب في"المفاعلة" أن تكون من فريقين، أو اثنين فصاعدًا، ولا تكون من واحد إلا قليلا في أحرف معدودة. فإذْ كان ذلك كذلك، فإنما أمر المؤمنون أن يصابروا غيرهم من أعدائهم، حتى يظفرهم الله بهم، ويعلي كلمته، ويخزي أعداءهم، وأن لا يكون عدوُّهم أصبر منهم. (?)

* * *

وكذلك قوله:"ورابطوا"، معناه: ورابطوا أعداءكم وأعداء دينكم من أهل الشرك، في سبيل الله.

* * *

قال أبو جعفر: ورأى أن أصل"الرباط"، ارتباط الخيل للعدوّ، كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015