على فساد قول من زعم أنّ معنى قوله:"قالوا هذا الذي رزقنا من قبل"، إنما هو قول من أهل الجنة في تشبيههم بعض ثَمر الجنة ببعض (?) . وتلك الدلالة على فساد ذلك القول، هي الدلالة على فساد قول من خالف قولنا في تأويل قوله:"وأتوا به متشابهًا"، لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر عن المعنى الذي من أجله قال القوم:"هذا الذي رُزقنا من قبل" بقوله:"وأتوا به متشابهًا".

ويُسأل من أنكر ذلك (?) ، فزعم أنه غير جائز أن يكون شيء مما في الجنة نظيرًا لشيء مما في الدنيا بوجه من الوجوه، فيقال له: أيجوز أن يكون أسماءُ ما في الجنة من ثمارها وأطعمتها وأشربتها نظائرَ أسماء ما في الدنيا منها؟

فإن أنكر ذلك خالف نصّ كتاب الله، لأن الله جل ثناؤه إنما عرّف عبادَه في الدنيا ما هو عنده في الجنة بالأسماء التي يسمى بها ما في الدنيا من ذلك.

وإن قال: ذلك جائز، بل هو كذلك.

قيل: فما أنكرتَ أن يكون ألوانُ ما فيها من ذلك، نظيرَ ألوان ما في الدنيا منه (?) ، بمعنى البياض والحمرة والصفرة وسائر صنوف الألوان، وإن تباينت فتفاضلت بفضل حسن المَرآة والمنظر، فكان لما في الجنة من ذلك من البهاء والجمال وحسن المَرآة والمنظر، خلافُ الذي لما في الدنيا منه، كما كان جائزًا ذلك في الأسماء مع اختلاف المسميات بالفضْل في أجسامها؟ ثم يُعكس عليه القول في ذلك، فلن يقول في أحدهما شيئًا إلا ألزم في الآخر مثله.

وكان أبو موسى الأشعري يقول في ذلك بما:

537- حدثني به ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عديّ، وعبد الوهاب، ومحمد بن جعفر، عن عوف، عن قَسَامةَ، عن الأشعري، قال: إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوّده من ثمار الجنة، وعلّمه صَنعةَ كل شيء، فثمارُكم هذه من ثمار الجنة، غيرَ أن هذه تغيَّرُ وتلك لا تغيَّرُ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015