وقوله:"ذو عسرة"، مرفوع ب"كان"، فالخبر متروك، وهو ما ذكرنا. وإنما صلح ترك خبرها، من أجل أنّ النكرات تضمِرُ لها العربُ أخبارَها، ولو وُجِّهت"كان" في هذا الموضع، إلى أنها بمعنى الفعل المكتفِي بنفسه التام، لكان وجهًا صحيحًا، ولم يكن بها حاجة حينئذ إلى خبر. فيكون تأويلُ الكلام عند ذلك: وإن وُجد ذُو عسرة من غرمائكم برؤوس أموالكم، فنَظِرة إلى ميسرة.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة أبي بن كعب: (وَإِنْ كَانَ ذَا عُسْرَةٍ) ، بمعنى: وإن كان الغريم ذا عسرة ="فنظرة إلى ميسرة". وذلك وإن كان في العربية جائزا فغيرُ جائز القراءة به عندنا، لخلافه خطوط مصاحف المسلمين. (?)
* * *
وأما قوله: (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) ، فإنه يعني: فعليكم أن تنظروه إلى ميسرة، كما قال: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ) [سورة البقرة: 196] ، وقد ذكرنا وجه رفع ما كان من نظائرها فيما مضى قبلُ، فأغنى عن تكريره. (?) .
* * *
و"الميسرَة"، المفعلة من"اليُسر"، مثل"المرْحمة" و"والمشأمة".
* * *
ومعنى الكلام: وإن كان من غرمائكم ذو عسرة، فعليكم أن تنظروه حتى يُوسر بالدَّين الذي لكم، (?) فيصيرَ من أهل اليُسر به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.