ومعلومٌ أن الماء يُشرَب ولا يعلف به، ولكنه نَصب ذلك على ما وصفتُ قبلُ، وكما قال الآخر:
ورأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا ورُمْحَا (?)
وكان ابن جُريج يقول - في انتهاء الخبر عن الختم إلى قوله"وعلى سَمْعهم"، وابتداءِ الخبر بعده - بمثل الذي قلنا فيه، ويتأوّل فيه من كتاب الله (فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) [سورة الشورى: 24] .
306- حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: حدثنا ابن جُريج، قال: الختمُ على القلب والسمع، والغشاوة على البَصَر، قال الله تعالى ذكره: (فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) (?) ، وقال: (وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) [سورة الجاثية: 23] .
والغشاوة في كلام العرب: الغطاءُ، ومنه قول الحارث بن خالد بن العاص:
تَبِعْتُكَ إذْ عَيْني عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ ... فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطعْتُ نَفْسِي أَلُومُهَا (?)
ومنه يقال: تغشَّاه الهم: إذا تجلَّله وركبه، ومنه قول نابغة بني ذبيان: