أفاضوا منه فانقضى وقت الإفاضة منه، لا وجه لأن يقال:"أفض منه".

فإذ كان لا وجه لذلك، وكان غير جائز أن يأمر الله جل وعز بأمر لا معنى له، كانت بينة صحة ما قاله من التأويل في ذلك، وفساد ما خالفه، لولا الإجماع الذي وصفناه، وتظاهر الأخبار بالذي ذكرنا عمن حكينا قوله من أهل التأويل.

* * *

فإن قال لنا قائل: وكيف يجوز أن يكون ذلك معناه:"والناس" جماعة،"وإبراهيم" صلى الله عليه وسلم واحد، والله تعالى ذكره يقول:" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس"؟

قيل: إن العرب تفعل ذلك كثيرا، فتدل بذكر الجماعة على الواحد. (?) ومن ذلك قول الله عز وجل: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) [آل عمران: 173] والذي قال ذلك واحد، وهو فيما تظاهرت به الرواية من أهل السير- نعيم بن مسعود الأشجعي، (?) ومنه قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51] قيل: عنى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم= ونظائر ذلك في كلام العرب أكثر من أن تحصى. (?)

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015