قيل: بل قد جرى ذكر الذين أمر تعالى ذكره بالوصية لهم، وهم والدا المُوصي وأقربوه، والذين أمروا بالوصية في قوله:"كُتب عليكم إذا حَضر أحدكم الموتُ إن تَركَ خيرًا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف"، ثم قال تعالى ذكره:"فمن خافَ من مُوص" -لمن أمرته بالوصية له-"جَنفًا أو إثمًا فأصلح بينهم" -وبين من أمرته بالوصية له-"فلا إثم عليه". والإصلاح بينه وبينهم، هو إصلاح بينهم وبين ورثة الموصي.

* * *

قال أبو جعفر: وقد قرئ قوله:"فمنْ خَافَ منْ مُوص" بالتخفيف في"الصاد" والتسكين في"الواو" - وبتحريك"الواو" وتشديد"الصاد".

فمن قرأ ذلك بتخفيف"الصاد" وتسكين"الواو"، فإنما قرأه بلغة من قال:"أوصيتُ فلانًا بكذا".

ومن قرأ بتحريك"الواو" وتشديد"الصاد"، قرأه بلغة من يقول:"وصَّيت فلانًا بكذا". وهما لغتان للعرب مشهورتان:"وصَّيتك، وأوصيتك" (?)

وأما"الجنف"، فهو الجورُ والعدول عن الحق في كلام العرب، ومنه قول الشاعر: (?)

هُمُ المَوْلَى وَإِنْ جَنَفُوا عَلَيْنَا ... وَإِنَّا مِنْ لِقَائِهِمُ لَزُورُ (?)

يقال منه:"جَنف الرجل على صاحبه يَجنَف" -إذا مال عليه وجَار-"جَنفًا".

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015