بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {لإيلافِ قُرَيْشٍ (?) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) } .
اختلفت القرّاء في قراءة: (لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بياء بعد همز لإيلاف وإيلافهم، سوى أبي جعفر، فإنه وافق غيره في قوله (لإيلافِ) فقرأه بياء بعد همزة، واختلف عنه في قوله (إِيلافِهِمْ) فروي عنه أنه كان يقرأه: "إلْفِهِمْ" (?) على أنه مصدر من ألف يألف إلفا، بغير ياء. وحَكى بعضهم عنه أنه كان يقرؤه: "إلافِهِمْ" بغير ياء مقصورة الألف.
والصواب من القراءة في ذلك عندي: من قرأه: (لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة، من آلفت الشيء أُولفه إيلافا، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وللعرب في ذلك لغتان: آلفت، وألفت; فمن قال: آلفت بمدّ الألف قال: فأنا أؤالف إيلافا; ومن قال: ألفت بقصر الألف قال: فأنا آلف إلفا، وهو رجل آلف إلفا. وحكي عن عكرمة أنه كان يقرأ ذلك: "لتألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف".
حدثني بذلك أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي مكين، عن عكرِمة.
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: "إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ".
واختلف أهل العربية في المعنى الجالب هذه اللام في قوله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) ،