حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) قال: مطبقة، والعرب تقول: أوصد الباب: أغلق.
وقوله: (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: (فِي عَمَدٍ) بفتح العين والميم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: "فِي عُمُدٍ" بضم العين والميم. والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، ولغتان صحيحتان. والعرب تجمع العمود: عُمُدا وعَمَدا، بضم الحرفين وفتحهما، وكذلك تفعل في جمع إهاب، تجمعه: أُهُبا، بضم الألف والهاء، وأَهَبا بفتحهما، وكذلك القضم، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: (إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة) أي مغلقة مطبقة عليهم، وكذلك هو في قراءة عبد الله فيما بلغنا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قتادة، في قراءة عبد الله: "إنها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٍ بِعَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما دخلوا في عمد، ثم مدت عليهم تلك العمد بعماد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) قال: أدخلهم في عمد، فمدت عليهم بعماد، وفي أعناقهم السلاسل، فسدّت بها الأبواب.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد (فِي عَمَدٍ) من حديد مغلولين فيها، وتلك العمد من نار قد احترقت من النار، فهي من نار (مُمَدَّدَةٍ) لهم.
وقال آخرون: هي عمد يعذّبون بها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) كُنَّا نحدَّث أنها عمد يعذّبون بها في النار، قال بشر: قال يزيد: في قراءة قتادة: (عَمَدٍ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد، عن قتادة (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) قال: عمود يعذبون به في النار.
وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: معناه: أنهم يعذّبون بعمد في