قوله: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: أمره إذا فرغ من غزوه، أن يجتهد في الدعاء والعبادة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال عن أبيه: فإذا فرغت من الجهاد، جهاد العرب، وانقطع جهادهم، فانصب لعبادة الله (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) .
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فإذا فرغت من أمر دنياك، فانصب في عبادة ربك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب، قال: فصّل.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: إذا فرغت من أمر دنياك فانصب، فصّل.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: (فَإِذَا فَرَغْتَ) قال: إذا فرغت من أمر الدنيا، وقمت إلى الصلاة، فاجعل رغبتك ونيتك له.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: إن الله تعالى ذكره، أمر نبيه أن يجعل فراغه من كلّ ما كان به مشتغلا من أمر دنياه وآخرته، مما أدّى له الشغل به، وأمره بالشغل به إلى النصب في عبادته، والاشتغال فيما قرّبه إليه، ومسألته حاجاته، ولم يخصص بذلك حالا من أحوال فراغه دون حال، فسواء كلّ أحوال فراغه، من صلاة كان فراغه، أو جهاد، أو أمر دنيا كان به مشتغلا لعموم الشرط في ذلك، من غير خصوص حال فراغ، دون حال أخرى.
وقوله: (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) يقول تعالى ذكره: وإلى ربك يا محمد فاجعل رغبتك، دون من سواه من خلقه، إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الآلهة والأنداد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) قال: اجعل نيتك ورغبتك إلى الله.