(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال أبطأ جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فجزع جزعا شديدا، وقالت خديجة: أرى ربك قد قلاك، مما نرى من جزعك، قال: فنزلت (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) ... إلى آخرها.
وقوله: (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى) يقول تعالى ذكره: وللدار الآخرة، وما أعد الله لك فيها، خير لك من الدار الدنيا وما فيها. يقول: فلا تحزن على ما فاتك منها، فإن الذي لك عند الله خير لك منها.
وقوله: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) يقول تعالى ذكره: ولسوف يعطيك يا محمد ربك في الآخرة من فواضل نعمه، حتى ترضى.
وقد اختلف أهل العلم في الذي وعده من العطاء، فقال بعضهم: هو ما
حدثني به موسى بن سهل الرملي، قال: ثنا عمرو بن هاشم، قال: سمعت الأوزاعيّ يحدّث، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي، عن عليّ بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كَفْرا كَفْرا، فسرّ بذلك، فأنزل الله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) فأعطاه في الجنة ألف قصر، في كلّ قصر، ما ينبغي من الأزواج والخدم.
حدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثني روّاد بن الجراح، عن الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن عليّ بن عبد الله بن عباس، في قوله: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) قال: ألف قصر من لؤلؤ، ترابهنّ المسك، وفيهنّ ما يصلحهنّ.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) ، وذلك يوم القيامة.
وقال آخرون في ذلك ما حدثني به عباد بن يعقوب، قال: ثنا الحكم بن ظهير، عن السديّ، عن ابن عباس، في قوله: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) قال: من رضا محمد صلى الله عليه وسلم ألا يدخل أحد من أهل بيته النار.
وقوله: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) يقول تعالى ذكره معدّدا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نعمه عنده، ومذكِّره آلاءه قِبَله: ألم يجدك يا محمد ربك يتيمًا