وقوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ) يقول تعالى ذكره: وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما العقبة.
ثم بين جلّ ثناؤه له، ما العقبة، وما النجاة منها، وما وجه اقتحامها؟ فقال: اقتحامها وقطعها فكّ رقبة من الرقّ، وأسر العبودة.
كما حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُليَّة، عن أبي رجاء، عن الحسن (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ) قال: ذُكر لنا أنه ليس مسلم يعتق رقبة مسلمة، إلا كانت فداءه من النار.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ) ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الرقاب أيها أعظم أجرا؟ قال: " أكثرها ثمنا ".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثنا سالم بن أبي الجعد، عن مَعْدانِ بن أبي طلحة، عن أبي نجيح، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أيُّمَا مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلا مُسْلِمًا، فإنَّ اللهَ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ، عَظْما مِنْ عِظامِ مُحَرّرِهِ مِنْ النَّار؛ وأيُّمَا امْرأةٍ مُسْلِمَةٍ أعْتَقَتِ امْرَأةً مُسْلِمَةً، فإنَّ اللهَ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنَ عِظَامِهَا، عَظْما مِنَ عِظامِ مُحَرّرِها مِنَ النَّار ".
قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن قيس الجذاميّ، عن عقبة بن عامر الجهنيّ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، فَهِيَ فِدَاؤُهُ مِنَ النَّارِ ".
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ) ثم أخبر عن اقتحامها فقال: (فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ) .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء البصرة، عن ابن أبي إسحاق، ومن الكوفيين: الكسائي (فَكُّ رَقَبَةٍ أوْ أطْعَمَ) وكان أبو عمرو بن العلاء يحتجّ فيما بلغني فيه بقوله: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) كأن معناه: كان عنده، فلا فكّ رقبة ولا أطعم، ثم كان من الذين آمنوا. وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والشام (فَكُّ رَقَبَةٍ) على الإضافة (أَوْ إِطْعَامٌ) على وجه المصدر.
والصواب من القول في ذلك: أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، وتأويل مفهوم، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. فقراءته إذا قرئ