وقوله: (تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً) يقول تعالى ذكره: ترد هذه الوجوه نارًا حامية قد حميت واشتد حرها.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة (تَصْلَى) بفتح التاء، بمعنى: تصلى الوجوه. وقرأ ذلك أبو عمرو (تُصْلَى) بضم التاء اعتبارًا بقوله: (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ، والقول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) يقول: تسقى أصحاب هذه الوجوه من شَرَاب عين قد أنى حرّها، فبلغ غايته في شدة الحرّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) قال: هي التي قد أطال أنينها.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَيَة، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) قال: أنَى طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا.
حدثني به يعقوب مرّة أخرى، فقال: منذ يوم خلق الله السموات والأرض.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) قال: قد بلغت إناها، وحان شربها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) يقول: قد أنَى طبخها منذ خلق الله السموات والأرض.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، في قوله: (مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) قال: من عين أنَى حرّها: يقول: قد بلغ حرّها.
وقال بعضهم: عُنِيَ بقوله: (مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) من عين حاضرة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) قال: آنية: حاضرة.