مكروه كما صبر الذين تجند هؤلاء الجنود عليهم من رسلي، ولا يثنيك عن تبليغهم رسالتي، كما لم يُثْن الذين أرسلوا إلى هؤلاء، فإن عاقبة من لم يصدقك ويؤمن بك منهم إلى عطب وهلاك، كالذي كان من هؤلاء الجنود، ثم بين جلّ ثناؤه عن الجنود من هم، فقال: (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) يقول: (فرعون) ، فاجتزى بذكره، إذ كان رئيس جنده من ذكر جنده وأتباعه. وإنما معنى الكلام: هل أتاك حديث الجنود، فرعون وقومه وثمود، وخفض فرعون ردًّا على الجنود، على الترجمة عنهم، وإنما فتح لأنه لا يجرى وثمود.
القول في تأويل قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) } .
يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء القوم الذين يكذّبون بوعيد الله أنهم لم يأتهم أنباء من قبلهم من الأمم المكذّبة رسل الله كفرعون وقومه، وثمود وأشكالهم، وما أحلّ الله بهم من النقم بتكذيبهم الرسل، ولكنهم في تكذيبهم بوحي الله وتنزيله، إيثارًا منهم لأهوائهم، واتِّباعًا منهم لسنن آبائهم (وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ) بأعمالهم مُحْصٍ لها، لا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيهم على جميعها.
وقوله: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) يقول - تكذيبا منه جلّ ثناؤه للقائلين للقرآن هو شعر وسجع -: ما ذلك كذلك، بل هو قرآن كريم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) يقول: قرآن كريم.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) قال: كريم.
وقوله: (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) يقول تعالى ذكره: هو قرآن كريم مُثْبَت في لوح محفوظ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مَحْفُوظٍ) فقرأ ذلك مَن قرأه مِن أهل الحجاز أبو جعفر القارئ وابن كثير، ومن قرأه من قرّاء الكوفة عاصم والأعمش وحمزة