سوى الكسائيّ، فإنه كان يقرأه (خاتَمَهُ مِسْكٌ) .
والصواب من القول عندنا في ذلك ما عليه قرأة الأمصار، وهو (خِتَامُهُ) لإجماع الحجة من القرّاء عليه، والختام والخاتم وإن اختلفا في اللفظ، فإنهما متقاربان في المعنى غير أن الخاتم اسم، والختام مصدر؛ ومنه قول الفرزدق.
فَبِتْنَ بِجَانبيَّ مُصَرَّعاتٍ ... وَبِتُّ أفُضُّ أغْلاقَ الخِتامِ (?)
ونظير ذلك قولهم: هو كريم الطبائع والطباع.
وقوله: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) يقول تعالى ذكره: وفي هذا النعيم الذي وصف جل ثناؤه أنه أعطى هؤلاء الأبرار في القيامة، فليتنافس المتنافسون. والتنافس: أن يَنفِس الرجل على الرجل بالشيء يكون له، ويتمنى أن يكون له دونه، وهو مأخوذ من الشيء النفيس، وهو الذي تحرص عليه نفوس الناس، وتطلبه وتشتهيه، وكان معناه في ذلك. فليجدّ الناس فيه، وإليه فليستبقوا في طلبه، ولتحرص عليه نفوسهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) } .
يقول تعالى ذكره: ومزاج هذا الرحيق من تسنيم؛ والتسنيم: التفعيل من قول القائل: سنَّمتهم العين تسنيمًا: إذا أجريتها عليهم من فوقهم، فكان معناه في هذا الموضع: ومزاجه من ماء ينزل عليهم من فوقهم فينحدر عليهم. وقد كان مجاهد والكلبيّ يقولان في ذلك كذلك.