في قوله: (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) يقول: بعضها في بعض.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) فُجِّر عذبها في مالحها، ومالحها في عذبها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) قال: فجِّر بعضها في بعض، فذهب ماؤها. وقال الكلبي: ملئت.
وقوله: (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) يقول: وإذا القبور أُثيرت فاستخرج من فيها من الموتى أحياء، يقال: بعثر فلان حوض فلان: إذا جعل أسفله أعلاه، يقال: بعثرة وبحثرة: لغتان.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) يقول: بُحثت.
وقوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) يقول تعالى ذكره: علمت كلّ نفس ما قدّمت لذلك اليوم من عمل صالح ينفعه، وأخرت وراءه من شيء سنَّه فعمل به.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: ثني عن القُرَظي، أنه قال في: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) قال: ما قدّمت مما عملت، وأما ما أخَّرت فالسنة يَسُنها الرجل يُعمل بها من بعده.
وقال آخرون: عُني بذلك ما قدّمت من الفرائض التي أدتها، وما أخَّرت من الفرائض التي ضيعتها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبيه، عن سعيد بن مسروق، عن عكرِمة (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ) قال: ما افترض عليها (وَأَخَّرَتْ) قال: مما افترض عليها.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) قال: تعلم ما قدّمت من طاعة الله، وما أخرت مما أُمِرَت به من حقّ لله عليه لم تعمل به.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) قال: ما قدّمت من خير، وأخَّرت من حق الله عليها لم تعمل به.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، (مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) قال: ما قدمت من طاعة الله وما أخرت من حق الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) قال: ما قدّمت: عملت، وما أخرت: تركت وضيَّعت، وأخرت من العمل الصالح الذي دعاها الله إليه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما قدّمت من خير أو شرّ، وأخَّرت من خير أو شرّ.