يقول: فأين تعدلون عن كتابي وطاعتي. وقيل: (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) ولم يقل: فإلى أين تذهبون، كما يقال: ذهبت الشأم وذهبت السوق. وحُكي عن العرب سماعا: انطلق به الغَوْرَ، على معنى إلغاء الصفة، وقد ينشد لبعض بني عُقَيل:
تَصِيحُ بِنا حَنِيفةُ إذْ رأتْنا ... وأيَّ الأرْضِ تَذْهَبُ للصَّياح (?)
بمعنى: إلى أيّ الأرض تذهب واستجيز إلغاء الصفة في ذلك للاستعمال.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) } .
يقول تعالى ذكره: (إنْ) هذا القرآن، وقوله: (هُوَ) من ذكر القرآن (إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) يقول: إلا تذكرة وعظة للعالمين من الجنّ والإنس (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) فجعل ذلك تعالى ذكره ذكرا لمن شاء من العالمين أن يستقيم، ولم يجعله ذكرا لجميعهم، فاللام في قوله: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ) إبدال من اللام في للعالمين. وكان معنى الكلام: إن هو إلا ذكر لمن شاء منكم أن يستقيم على سبيل الحقّ فيتبعه، ويؤمن به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد،