والمقبر: هو الله، الذي أمر عباده أن يقبروه بعد وفاته، فصيره ذا قبر. والعرب تقول فيما ذُكر لي: بترت ذنَب البعير، والله أبتره، وعضبت قَرنَ الثور، والله أعضبه؛ وطردت عني فلانا، والله أطرده، صيره طريدا.
وقوله: (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ) يقول: ثم إذا شاء الله أنشره بعد مماته وأحياه، يقال: أنشر الله الميت بمعنى: أحياه، ونشر الميت بمعنى حيى هو بنفسه، ومنه قول الأعشى:
حتى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رأوْا ... يا عَجَبا لِلْمَيِّتِ النَّاشرِ (?)
وقوله: (كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) يقول تعالى ذكره: كلا ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدّى حقّ الله عليه، في نفسه وماله، (لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) لم يؤدّ ما فرض عليه من الفرائض ربُّه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) قال: لا يقضي أحد أبدًا ما افتُرِض عليه. وقال الحارث: كلّ ما افترض عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) } .