وقوله: (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) يقول: والجبال أثبتها فيها، وفي الكلام متروك استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو فيها، وذلك أن معنى الكلام: والجبال أرساها فيها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) أي: أثبتها لا تَمِيد بأهلها حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت: تخلق عليّ آدم وذرّيته يلقون عليّ نتْنهم، ويعملون عليّ بالخطايا، فأرساها الله، فمنها ما ترون، ومنها ما لا ترون، فكان أوَّل قرار الأرض كلحم الجزور إذا نُحِر يحتلج لحمها.
القول في تأويل قوله تعالى: {مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ (33) فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) } .
يعني تعالى ذكره بقوله: (مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ) أنه خلق هذه الأشياء، وأخرج من الأرض ماءها ومرعاها منفعة لنا ومتاعا إلى حين.
وقوله: (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى) يقول تعالى ذكره: فإذا جاءت التي تطم على كلّ هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها، وقيل: إنها اسم من أسماء يوم القيامة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى) من أسماء يوم القيامة عظمه الله، وحذّره عباده.
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا سهل بن عامر، قال: ثنا مالك بن مغول، عن القاسم بن الوليد، في قوله: (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى) قال: سيق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار.
وقوله: (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى) يقول: إذا جاءت الطامة يوم يتذكر الإنسان ما عمل في الدنيا من خير وشر، وذلك سعيه (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) يقول: وأظْهِرت الجحيم، وهي نار الله لمن يراها، يقول: لأبصار الناظرين.