أحمق، وأنت بعد هذا لئيم الحسب، بمعنى: مع هذا، وكما قال جلّ ثناؤه: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) : أي من قبل الذكر، واستشهد بقول الهُذَليّ:
حَمِدْتُ إلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إذْ نَجَا ... خِراشٌ وبَعْضُ الشِّر أهْوَنُ مِنْ بَعْضِ (?)
وزعموا أن خراشا نجا قبل عروة.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن خَصِيفٍ، عن مجاهد (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) قال: مع ذلك دحاها.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، أنه قال: والأرْضَ عِنْدَ ذَلكَ دَحاها.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا عليّ بن معبد، قال: ثنا محمد بن سلمة، عن خصيف، عن مجاهد (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) قال: مع ذلك دحاها.
حدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا روّاد بن الجرّاح، عن أبي حمزة، عن السدي في قوله: (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) قال: مع ذلك دحاها.
والقول الذي ذكرناه عن ابن عباس من أن الله تعالى خلق الأرض، وقدّر فيها أقواتها، ولم يدحها، ثم استوى إلى السماء، فسوّاهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فأخرج منها ماءها ومرعاها، وأرسى جبالها، أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، لأنه جلّ ثناؤه قال: (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) والمعروف من معنى " بَعْدَ " أنه خلاف معنى " قَبْل " وليس في دحوِّ الله الأرض بعد تسويته السماوات السبع، وإغطاشه ليلها، وإخراجه ضحاها، ما يوجب أن تكون الأرض خُلقت بعد خلق السموات لأن الدحوّ إنما هو البسط في كلام العرب، والمدّ يقال منه: دحا يدحو دَحْوا، ودَحيْتُ أدْحي دَحْيا، لغتان؛ ومنه قول أُميَّة بن أبي الصلت:
دَارٌ دَحاها ثُمَّ أعْمَرَنا بِها ... وَأقامَ بالأخْرَى الَّتِي هي أمجدُ (?)