38

يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) } .

يعني بقوله جلّ ثناؤه: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً) أعطى الله هؤلاء المتقين ما وصف في هذه الآيات ثوابًا من ربك بأعمالهم، على طاعتهم إياه في الدنيا.

وقوله: (عَطاءً) يقول: تفضلا من الله عليهم بذلك الجزاء، وذلك أنه جزاهم بالواحد عشرا في بعض وفي بعض بالواحد سبع مِئَةٍ، فهذه الزيادة وإن كانت جزاء، فعطاء من الله.

وقوله: (حِسابًا) يقول: محاسبة لهم بأعمالهم لله في الدنيا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا) قال: عطاء منه حسابًا لما عملوا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا) : أي عطاء كثيرا، فجزاهم بالعمل اليسير الخير الجسيم، الذي لا انقطاع له.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمر، عن قتادة، في قوله: (عَطَاءً حِسَابًا) قال: عطاء كثيرا، وقال مجاهد: عطاء من الله حسابًا بأعمالهم.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قول الله: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا) فقرأ: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ... ) إلى (عَطَاءً حِسَابًا) قال: فهذه جزاء بأعمالهم عطاء الذي أعطاهم عملوا له واحدة، فجزاهم عشرا، وقرأ قول الله: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) ، وقرأ قول الله: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ) قال: يزيد من يشاء، كان هذا كله عطاء، ولم يكن أعمالا يحسبه لهم، فجزاهم به حتى كأنهم عملوا له، قال: ولم يعملوا إنما عملوا عشرا، فأعطاهم مئة، وعملوا مئة، فأعطاهم ألفا، هذا كله عطاء، والعمل الأوّل، ثم حَسَب ذلك حتى كأنهم عملوا فجزاهم كما جزاهم بالذي عملوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015