والنيلِ، والفراتِ، وكل ماء يشربه ابن آدم، فهو من هذه الأنهار، وهي تخرج من تحت صخرة من عند بيت المقدس، وأما سيحان فهو ببلخ، وأما جيحان فدجلة، وأما الفرات ففرات الكوفة، وأما النيل فهو بمصر.
وقوله: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) يقول: ويل يومئذ للمكذّبين بهذه النعم التي أنعمتها عليكم من خلقي الكافرين بها.
القول في تأويل قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (30) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ (33) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (34) } .
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بهذه النَّعم والحجج التي احتجّ بها عليهم يوم القيامة: (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ) في الدنيا (تُكَذّبُونَ) من عذاب الله لأهل الكفر به (انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) يعني تعالى ذكره: إلى ظلّ دخان ذي ثلاث شعب (لا ظَلِيلٍ) ، وذلك أنه يرتفع من وقودها الدخان فيما ذُكر، فإذا تصاعد تفرّق شعبا ثلاثا، فذلك قوله: (ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) .
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) قال: دخان جهنم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) قال: هو كقوله: (نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) قال: والسرادق: دخان النار، فأحاط بهم سرادقها، ثم تفرّق، فكان ثلاث شعب، فقال: انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب: شعبة هاهنا، وشعبة هاهنا، وشعبة هاهنا (لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) .
وقوله: (لا ظَلِيلٍ) يقول: لا هو يظلهم من حرّها (وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) ولا يُكِنُّهم من لهبها.