يكسر جميعها إلا قوله: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ) فإنه كان يفتحها، وأما أبو عمرو، فإنه كان يكسر جميعها إلا قوله: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) فإنه كان يفتح هذه وما بعدها؛ فأما الذين فتحوا جميعها إلا في موضع القول، كقوله: (فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا) وقوله: (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي) ونحو ذلك، فإنهم عطفوا أن في كلّ السورة على قوله: (فَآمَنَّا بِهِ) وآمنا بكلّ ذلك، ففتحوها بوقوع الإيمان عليها. وكان الفرّاء يقول: لا يمنعنك أن تجد الإيمان يقبح في بعض ذلك من الفتح، وأن الذي يقبح مع ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعل مضارع للإيمان، فوجب فتح أنّ كما قالت العرب:
إذَا ما الغَانِياتُ بَرَزْنَ يَوْمًا وزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ والعُيُونا (?)
فنصب العيون لاتباعها الحواجب، وهي لا تزجج، وإنما تكحل، فأضمر لها الكحل، كذلك يضمر في الموضع الذي لا يحسن فيه آمنا صدّقنا وآمنا وشهدنا. قال: وبقول النصب قوله: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) فينبغي لمن كسر أن يحذف "أن" من "لو"؛ لأن "أن" إذا خُففت لم تكن حكاية. ألا ترى أنك تقول: أقول لو فعلت لفعلت، ولا تدخل "أن". وأما الذين كسروها كلهم وهم في ذلك يقولون: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا) فكأنهم أضمروا يمينا مع "لو" وقطعوها عن النسق على أوّل الكلام، فقالوا: والله أن لو استقاموا؛ قال: والعرب تدخل "أن" في هذا الموضع مع اليمين وتحذفها، قال الشاعر:
فَأُقْسِمُ لَوْ شَيْءٌ أتانا رَسُولُهُ سِوَاكَ وَلَكِن لَمْ نَجدْ لَكَ مَدْفَعا (?)
قالوا: وأنشدنا آخر:
أمَا وَالله أنْ لَوْ كُنْتَ حرًّا ومَا بالْحُرّ أنْتَ وَلا العَتِيقِ (?)