الحق -من بعد ما بيَّنه الله لهم في كتبهم- يلعنهم بكتمانهم ذلك، وتركهم تَبيينه للناس.

* * *

و"اللعنة""الفَعْلة"، من"لعنه الله" بمعنى أقصاه وأبعده وأسْحَقه. وأصل"اللعن": الطرْد، (?) كما قال الشماخ بن ضرار، وذكر ماءً ورَد عليه:

ذَعَرْتُ بِهِ القَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ الَّلعِينِ (?)

يعني: مقامَ الذئب الطريد. و"اللعين" من نعت"الذئب"، وإنما أراد: مقام الذئب الطريد واللعين كالرَّجل. (?)

* * *

فمعنى الآية إذًا: أولئك يُبعدهم الله منه ومن رحمته، ويسألُ ربَّهم اللاعنون أنْ يلعنهم، لأن لعنةَ بني آدم وسائر خَلق الله مَا لَعنوا أن يقولوا:"اللهم العنه" إذْ كان معنى"اللعن" هو ما وصفنا من الإقصاء والإبعاد.

وإنما قلنا إن لعنة اللاعنين هي ما وصفنا: من مسألتهم رَبَّهم أن يَلعَنهم، وقولهم:"لعنه الله" أو"عليه لعنة الله"، لأن:-

2378- محمد بن خالد بن خِداش ويعقوب بن إبراهيم حدثاني قالا حدثنا إسماعيل بن علية، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"أولئك يَلعنهم الله ويَلعنهم اللاعنون"، البهائم، قال: إذا أسنَتَتِ السَّنة، (?) قالت البهائم: هذا من أجل عُصَاة بني آدم، لعنَ الله عُصَاة بني آدم!

* * *

ثم اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله تعالى ذكره ب"اللاعنين". فقال بعضهم: عنى بذلك دوابَّ الأرض وهَوامَّها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015