بيَّنا الجدث فيما مضى قبل بشواهده، وما قال أهل العلم فيه.
وقوله: (إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) يقول: كأنهم إلى عَلَم قد نُصب لهم يستبقون.
وأجمعت قرّاء الأمصار على فتح النون من قوله: (نَصْبٍ) غير الحسن البصري، فإنه ذكر عنه أنه كان يضمها مع الصاد؛ وكأن من فتحها يوجه النصب إلى أنه مصدر من قول القائل: نصبت الشيء أنصبه نصبا. وكان تأويله عندهم: كأنهم إلى صنم منصوب يسرعون سعيا. وأما من ضمها مع الصاد فأنه يوجه إلى أنه واحد الأنصاب، وهي آلهتهم التي كانوا يعبدونها.
وأما قوله: (يُوفِضُونَ) فإن الإيفاض: هو الإسراع؛ ومنه قول الشاعر:
لأنْعَتَنْ نَعامَةً مِيفاضَا خَرْجاءَ تَغْدو تطْلُبُ الإضَاضَا (?)
يقول: تطلب ملجأ تلجأ إليه؛ والإيفاض: السرعة؛ وقال رؤبة:
تَمْشِي بنا الجِدّ على أوْفاضٍ (?)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا ابن أبي عدي عن عوف، عن أبي العالية، أنه قال في هذه الآية (كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) قال: