تفسير سورة سأل سائل
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا (5) }
قال أبو جعفر: اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (سَأَلَ سَائِلٌ) ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة: (سَأَلَ سَائِلٌ) بهمز سأل سائل، بمعنى سأل سائل من الكفار عن عذاب الله، بمن هو واقع، وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة (سالَ سَائِلٌ) فلم يهمز سأل، ووجهه إلى أنه فعل من السيل.
والذي هو أولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأه بالهمز؛ لإجماع الحجة من القرّاء على ذلك، وأن عامة أهل التأويل من السلف بمعنى الهمز تأوّلوه.
* ذكر من تأوّل ذلك كذلك، وقال تأويله نحو قولنا فيه:
حدثني محمد بن سعيد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ) قال: ذاك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد (إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) ... الآية، قال (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ) .
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (سَأَلَ سَائِلٌ) قال: دعا داع، (بِعَذَابٍ وَاقِعٍ) قال: يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ) .