واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) بتشديد الدال بمعنى تفتعلون من الدعاء.
وذكر عن قتادة والضحاك أنهما قرءا ذلك (تَدَّعُونَ) بمعنى تفعلون في الدنيا.
حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، قال: أخبرنا أبان العطار وسعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أنه قرأها (الذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) خفيفة؛ ويقول: كانوا يدعون بالعذاب، ثم قرأ: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) .
والصواب من القراءة في ذلك، ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قُلْ) يا محمد للمشركين من قومك، (أَرَأَيْتُمْ) أيها الناس (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ) فأماتني (وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا) فأخَّر في آجالنا (فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ) بالله (مِنْ عَذَابِ) موجع مؤلم، وذلك عذاب النار. يقول: ليس ينجي الكفار من عذاب الله موتُنا وحياتنا، فلا حاجة بكم إلى أن تستعجلوا قيام الساعة، ونزول العذاب، فإن ذلك غير نافعكم، بل ذلك بلاء عليكم عظيم.
القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (29) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد: ربنا (الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ) يقول: صدّقنا به (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا) يقول: وعليه اعتمدنا في أمورنا، وبه وثقنا فيها (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) يقول: فستعلمون أيها المشركون بالله الذي هو في ذهاب عن الحقّ، والذي هو على غير طريق مستقيم منا ومنكم إذا صرنا إليه، وحشرنا جميعا.