القول في تأويل قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4) }
يقول تعالى ذكره: يعلم ربكم أيها الناس ما في السموات السبع والأرض من شيء، لا يخفى عليه من ذلك خافية (وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ) أيها الناس بينكم من قول وعمل (وَمَا تُعْلِنُونَ) من ذلك فتظهرونه (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) يقول جلّ ثناؤه: والله ذو علم بضمائر صدور عباده، وما تنطوي عليه نفوسهم، الذي هو أخفى من السرّ، لا يعزب عنه شيء من ذلك. يقول تعالى ذكره لعباده: احذَروا أن تسرّوا غير الذي تعلنون، أو تضمروا في أنفسكم غير ما تُبدونه، فإن ربكم لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو محص جميعه، وحافظ عليكم كله.
القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6) }
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش: ألم يأتكم أيها الناس خبر الذين كفروا من قبلكم، وذلك كقوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط (فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ) فمسّهم عذاب الله إياهم على كفرهم (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) يقول: ولهم عذاب مؤلم موجع يوم القيامة في نار جهنم، مع الذي أذاقهم الله في الدنيا وبال كفرهم.
وقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) يقول جلّ ثناؤه: