وسبي ذراريهم، وأخذ أموالهم، فهم من خوفهم من ذلك كلما نزل بهم من الله وحي على رسوله، ظنوا أنه نزل بهلاكهم وعَطَبهم. يقول الله جلّ ثناؤه لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هم العدوّ يا محمد فاحذرهم، فإن ألسنتهم إذا لَقُوكم معكم وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهم عين لأعدائكم عليكم.
وقوله: (قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) يقول: أخزاهم الله إلى أيّ وجه يصرفون عن الحقّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، وسمعته يقول في قول الله: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ) ... الآية، قال: هؤلاء المنافقون.
واختلفت القراء في قراءة قوله: (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة خلا الأعمش والكسائي (خُشُبُ) بضم الخاء والشين، كأنهم وجهوا ذلك إلى جمع الجمع، جمعوا الخشبة خشَابا ثم جمعوا الخِشاب خُشُبا، كما جمعت الثَّمرةُ ثمارا، ثم ثُمُرًا. وقد يجوز أن يكون الخُشُب بضم الخاء والشين إلى أنها جمع خَشَبة، فتضم الشين منها مرة، وتُسكن أخرى، كما جمعوا الأكمة أكمًا وأكمًا بضم الألف والكاف مرة، وتسكين الكاف لها مرة، وكما قيل: البُدُن والبُدْن، بضم الدال وتسكينها لجمع البَدنة، وقرأ ذلك الأعمش والكسائي (خُشْبُ) بضم الخاء وسكون الشين.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان، وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب وتسكين الأوسط فيما جاء من جمع فُعُلة على فُعْل في الأسماء على ألسن العرب أكثر وذلك كجمعهم البدنة بُدْنا، والأجمة أُجْما.