القول في تأويل قوله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) }
يقول تعالى ذكره: يريد هؤلاء القائلون لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هذا ساحر مبين (لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) يقول: يريدون ليبطلوا الحق الذي بعث الله به محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بأفواههم يعني بقولهم إنه ساحر، وما جاء به سحر، (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ) يقول: الله معلن الحقّ، ومظهر دينه، وناصر محمدًا عليه الصلاة والسلام على من عاداه، فذلك إتمام نوره، وعنى بالنور في هذا الموضع الإسلام.
وكان ابن زيد يقول: عُنِي به القرآن.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) قال: نور القرآن.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله تعالى: (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين (مُتِمٌ نُورهِ) بالنصب. وقرأه بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة (مُتِمُّ) بغير تنوين نوره خفضا وهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب عندنا.
وقوله: (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) يقول: والله مظهر دينه، وناصر رسوله، ولو كره الكافرون بالله.
القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) }
يقول تعالى ذكره: الله الذي أرسل رسوله محمدًا بالهدى ودين الحقّ