مِنْ شَيْءٍ) يقول تعالى ذكره: قد كانت لكم أُسوة حسنة في إبراهيم والذين معه في هذه الأمور التي ذكرناها من مباينة الكفار ومعاداتهم، وترك موالاتهم إلا في قول إبراهيم لأبيه (لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) فإنه لا أسوة لكم فيه في ذلك، لأن ذلك كان من إبراهيم لأبيه عن موعدة وعدها إياه قبل أن يتبين له أنه عدوّ الله؛ فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه. يقول تعالى ذكره: فكذلك أنتم أيها المؤمنون بالله، فتبرّءوا من أعداء الله من المشركين به ولا تتخذوا منهم أولياء حتى يؤمنوا بالله وحده ويتبرّءوا عن عبادة ما سواه وأظهروا لهم العداوة والبغضاء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ) قال: نُهُوا أن يتأسَّوْا باستغفار إبراهيم لأبيه، فيستغفروا للمشركين.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي جعفر، عن مطرَّف الحارثي، عن مجاهد: (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ) ... إلى قوله: (لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) يقول: في كلّ أمره أسوة، إلا الاستغفار لأبيه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ) ... الآية، ائتسوا به في كلّ شيء، ما خلا قوله لأبيه: (لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) فلا تأتسوا بذلك منه، فإنها كانت عن موعدة وعدها إياه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ) يقول: لا تأسوا بذلك فإنه كان عليه موعدًا، وتأسوا بأمره كله.