من بعد ضلاله.
وقوله: (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يقول: قد بيَّنا لكم الأدلة والحجج لتعقلوا.
وقوله: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ) ، اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامه قرّاء الأمصار، خلا ابن كثير وعاصم بتشديد الصاد والدال، بمعنى أن المتصدِّقين والمتصدِّقات، ثم تُدغم التاء في الصاد، فتجعلها صادا مشدّدة، كما قيل: (يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) يعني المتزمل. وقرأ ابن كثير وعاصم: (إنَّ المُتَصَدّقِينَ والمُتَصدّقاتِ) بتخفيف الصاد وتشديد الدال، بمعنى: إن الذين صدقوا الله ورسوله.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان، صحيح معنى كلّ واحدة منهما، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
فتأويل الكلام إذن على قراءة من قرأ ذلك بالتشديد في الحرفين، أعني في الصاد والدال: أن المتصدّقين من أموالهم والمتصدّقات، (وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) يعني: بالنفقة في سبيله، وفيما أمر بالنفقة فيه، أو فيما ندب إليه، (يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) يقول: يضاعف الله لهم قروضهم التي أقرضوها إياه، فيوفيهم ثوابها يوم القيامة، (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) يقول: ولهم ثواب من الله على صدقهم، وقروضهم إياه كريم، وذلك الجنة.