وأصحابه، والمراد به بعضهم غائبا كان أو شاهدا، فيقول: قتلتم فلانًا، والقاتل منهم واحد، إما غائب، وإما شاهد. وقد بيَّنا نظائر ذلك في مواضع كثيرة من كتابنا هذا.
يقول (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) يقول: ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم، (وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ) .
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: قيل (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) كأنه قد سمع منهم، والله أعلم: إنا نقدر على أن لا نموت، فقال (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) ، ثم قال (فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) أي غير مجزيين ترجعون تلك النفوس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك إن كنتم صادقين بأنكم تمتنعون من الموت.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) }
يقول تعالى ذكره: فهلا إن كنتم أيها الناس غير مدينين.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (مَدِينِينَ) فقال بعضهم: غير محاسبين.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) يقول: غير محاسبين.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (غَيْرَ مَدِينِينَ) قال: محاسبين.