والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) يقول تعالى ذكره وإن هذا القسم الذي أقسمت لقسم لو تعلمون ما هو، وما قدره، قسم عظيم من المؤخر الذي معناه التقديم، وإنما هو: وأنه لقسم عظيم لو تعلمون عظمه.
وقوله: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) يقول تعالى ذكره: فلا أقسم بمواقع النجوم أن هذا القرآن لقرآن كريم، والهاء في قوله: (إِنَّهُ) من ذكر القرآن.
وقوله: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) يقول تعالى ذكره: هو في كتاب مصون عند الله لا يمسه شيء من أذى من غبار ولا غيره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني إسماعيل بن موسى، قال: أخبرنا شريك، عن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) الكتاب الذي في السماء.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) قال: القرآن في كتابه المكنون الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) زعموا أن الشياطين تنزلت به على محمد، فأخبرهم الله أنها لا تقدر على ذلك، ولا تستطيعه، ما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا، وهو محجوب عنهم، وقرأ قول الله (وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) .