عن جنسه، كما قيل: (إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) ، والقولان كلاهما غير بعيدين من الصواب لاحتمال ظاهر الكلام إياهما.
وقوله: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) يقول تعالى ذكره: علَّم الإنسان البيان.
ثم اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالبيان في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى به بيان الحلال والحرام.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) : علمه الله بيان الدنيا والآخرة بين حلاله وحرامه، ليحتجّ بذلك على خلقه.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سعيد، عن قتادة (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) الدنيا والآخرة ليحتجّ بذلك عليه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة، في قوله: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) قال: تَبَيَّنَ له الخيرُ والشرّ، وما يأتي، وما يدع.
وقال آخرون: عنى به الكلام: أي أن الله عزّ وجلّ علم الإنسان البيان.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) قال: البيان: الكلام.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: أن الله علَّم الإنسان ما به الحاجة إليه من أمر دينه ودنياه من الحلال والحرام، والمعايش والمنطق، وغير ذلك مما به الحاجة إليه، لأن الله جلّ ثناؤه لم يخصص بخبره ذلك، أنه علَّمه من البيان بعضا دون بعض، بل عمّ فقال: علَّمه البيان، فهو كما عمّ جلّ ثناؤه.