وقرأ (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) إنما هو مفتعل من سطرت: إذا كتبت سطرا.
وقوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا عقاب الله بطاعته وأداء فرائضه، واجتناب معاصيه في بساتين يوم القيامة، وأنهار، ووحد النهر في اللفظ ومعناه الجمع، كما وحد الدّبر، ومعناه الإدبار في قوله: (يُوَلُّونَ الدُّبُرَ) وقد قيل: إن معنى ذلك: إن المتقين في سعة يوم القيامة وضياء، فوجهوا معنى قوله: (وَنَهَرٍ) إلى معنى النهار. وزعم الفرّاء انه سمع بعض العرب ينشد:
إنْ تَكُ لَيْلِيًّا فإنيّ نَهِرْ ... متى أتى الصُّبْحُ فَلا أنْتَظِر (?)
وقوله "نهر" على هذا التأويل مصدر من قولهم: نهرت أنهر نهرا. وعنى بقوله: "فإني نهر": أي إني لصاحب نهار: أي لست بصاحب ليلة.
وقوله: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) يقول: في مجلس حقّ لا لغو فيه ولا تأثيم (عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) يقول: عند ذي مُلك مقتدر على ما يشاء، وهو الله ذو القوّة المتين، تبارك وتعالى.
آخر تفسير سورة اقتربت الساعة