قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَحِلُّ الصَّدقَةَ لِغَنِيّ، وَلا لذي مرةٍ سَويَّ".

وقوله (فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى) يقول: فاستوى هذا الشديد القويّ وصاحبكم محمد بالأفق الأعلى، وذلك لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم استوى هو وجبريل عليهما السلام بمطلع الشمس الأعلى، وهو الأفق الأعلى، وعطف بقوله: "وَهُوَ" على ما في قوله: "فاسْتَوَى" من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، والأكثر من كلام العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا الموضع أن يظهروا كناية المعطوف عليه، فيقولوا: استوى هو وفلان، وقلَّما يقولون استوى وفلان، وذكر الفرّاء عن بعض العرب أنه أنشده:

ألَمْ تَرَ أنَّ النَّبْعَ يَصْلُبُ عودُهُ ... وَلا يَسْتَوي والخِرْوَعُ المُتَقَصِّفُ (?)

فرد الخروع على "ما" في يستوي من ذكر النبع، ومنه قوله الله (أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا) فعطف بالآباء على المكنّى في (كنَّا) من غير إظهار نحن، فكذلك قوله (فَاسْتَوَى وَهُوَ) ، وقد قيل: إن المستوي: هو جبريل، فإن كان ذلك كذلك، فلا مُؤْنة في ذلك، لأن قوله (وَهُوَ) من ذكر اسم جبريل، وكأن قائل ذلك وجَّه معنى قوله (فَاسْتَوَى) : أي ارتفع واعتدل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015