حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَتَوَاصَوْا بِهِ) : أي كان الأوّل قد أوصى الآخر بالتكذيب.
وقوله (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) يقول تعالى ذكره: ما أوصى هؤلاء المشركون آخرهم بذلك، ولكنهم قوم متعدّون طغاة عن أمر ربهم، لا يأتمرون لأمره، ولا ينتهون عما نهاهم عنه.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فتولّ يا محمد عن هؤلاء المشركين بالله من قريش، يقول: فأعرض عنهم حتى يأتيك فيهم أمر الله، يقال: ولى فلان عن فلان: إذا أعرض عنه وتركه، كما قال حصين بن ضمضم:
أمَّا بَنُو عبس فإنَّ هَجِينَهُمْ ... وَلَّى فَوَارِسهُ وَأفْلَتَ أَعْوَرا (?)
والأعور في هذا الوضع: الذي عور فلم تقض حاجته، ولم يصب ما طلب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) قال: فأعرض عنهم.
وقوله (فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ) يقول جلّ ثناؤه: فما أنت يا محمد بملوم، لا يلومك ربك على تفريط كان منك في الإنذار، فقد أنذرت، وبلغت ما أرسلت به.