16

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) }

وهذا تقريع من الله لمشركي قريش الذين قالوا: (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) يقول لهم جلّ ثناؤه: أفعيينا بابتداع الخلق الأول الذي خلقناه، ولم يكن شيئا فنعيا بإعادتهم خلقا جديدا بعد بلائهم في التراب، وبعد فنائهم; يقول: ليس يعيينا ذلك، بل نحن عليه قادرون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ) يقول: لم يعينا الخلق الأوّل.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ) يقول: أفعيي علينا حين أنشأناكم خلقا جديدا، فتمتروا بالبعث.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي ميسرة (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ) قال: إنا خلقناكم.

وقوله (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) يقول تعالى ذكره: ما يشكّ هؤلاء المشركون المكذّبون بالبعث أنا لم نعي بالخلق الأوّل، ولكنهم في شكّ من قُدرتنا على أن نخلقهم خلقا جديدا بعد فنائهم، وبَلائهم في قبورهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015