(ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ) فهو مثل ضربه لأهل الكتاب إذا خرج قوم ينبتون كما ينبت الزرع فيبلغ فيهم رجال يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ثم يغلظون، فهم أولئك الذين كانوا معهم. وهو مَثل ضربه الله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: بعث الله النبيّ وحده، ثم اجتمع إليه ناس قليل يؤمنون به، ثم يكون القليل كثيرا، ويستغلظون، ويغيظ الله بهم الكفار.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (فَآزَرَهُ) قال: فشدّه وأعانه.
وقوله (عَلَى سُوقِهِ) قال: أصوله.
حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة والزهري (فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ) يقول: فتلاحق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَآزَرَهُ) اجتمع ذلك فالتفتّ; قال: وكذلك المؤمنون خرجوا وهم قليل ضعفاء، فلم يزل الله يزيد فيهم، ويؤيدهم بالإسلام، كما أيَّد هذا الزرع بأولاده، فآزره، فكان مثلا للمؤمنين.
حدثني عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن جُوَيبر، عن الضحاك (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ) يقول: حبّ برّ نثر متفرّقا، فتنبت كلّ حبة واحدة، ثم أنبتت كل واحدة منها، حتى استغلظ فاستوى على سوقه; قال: يقول: كان أصحاب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قليلا ثم كثروا، ثم استغلظوا (لِيَغِيظَ) الله (بِهِمُ الْكُفَّارَ) .
وقوله (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) يقول تعالى ذكره: يعجب هذا الزرعُ الذي استغلظ فاستوى على سوقه في تمامه وحُسن نباته، وبلوغه وانتهائه الذين زرعوه (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) يقول: فكذلك مثل محمد صَلَّى الله