وقوله (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) يقول جلّ ثناؤه لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أشهدك يا محمد ربك على نفسه، أنه سيظهر الدين الذي بعثك به (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) يقول: وحسبك به شاهدا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيد، قال. ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو بكر الهُذَليّ، عن الحسن (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله، وهذا إعلام من الله تعالى نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه، أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان، مسليهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن، بانصرافهم عن مكة قبل دخولهموها، وقبل طوافهم بالبيت.

وقوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) يقول تعالى ذكره: محمد رسول الله وأتباعه من أصحابه الذين هم معه على دينه، (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) ، غليظة عليهم قلوبهم، قليلة بهم رحمتهم (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) يقول: رقيقة قلوب بعضهم لبعض، لينة أنفسهم لهم، هينة عليهم لهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ألقى الله في قلوبهم الرحمة، بعضهم لبعض (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا) يقول: تراهم ركعا أحيانا لله في صلاتهم سجدا أحيانا (يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ) يقول: يلتمسون بركوعهم وسجودهم وشدّتهم على الكفار ورحمة بعضهم بعضا، فضلا من الله، وذلك رحمته إياهم، بأن يتفضل عليهم، فيُدخلهم جنته (وَرِضْوَانًا) يقول: وأن يرضى عنهم ربهم.

وقوله (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) يقول: علامتهم في وجوههم من أثر السجود في صلاتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015