وأولى القراءات بالصواب قراءة من قرأه (وَالَّذِينَ قَاتَلُوا) لاتفاق الحجة من القرّاء، وإن كان لجميعها وجوه مفهومة.
وإذ كان ذلك أولى القراءات عندنا بالصواب، فتأويل الكلام: والذين قاتلوا منكم أيها المؤمنون أعداء الله من الكفار في دين الله، وفي نصرة ما بعث به رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الهدى، فجاهدوهم في ذلك (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) فلن يجعل الله أعمالهم التي عملوها في الدنيا ضلالا عليهم كما أضلّ أعمال الكافرين.
وذُكر أن هذه الآية عُنِي بها أهل أحد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) ذُكر لنا أن هذه الآية أُنزلت يوم أُحد ورسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الشِّعْب، وقد فَشَت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون يومئذ: اُعْلُ هُبَلْ، فنادى المسلمون: الله أعلى وأجلّ، فنادى المشركون: يوم بيوم، إن الحرب سجال، إن لنا عُزَّى، ولا عُزَّى لكم، قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "اللهُ مَوْلانا وَلا مَوْلَى لَكُمْ. إنَّ القَتْلَى مُخْتَلِفَةٌ، أمَّا قَتْلانا فأَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ، وأمَّا قَتْلاكم فَفِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ".
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) قال: الذين قُتلوا يوم أُحد.
القول في تأويل قوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) }
يقول تعالى ذكره: سيوفق الله تعالى ذكره للعمل بما يرضى ويحبّ، هؤلاء