وقد كان أهل الردّة بعد نبيّ الله قالوا: أما الصلاة فنصلِّي، وأما الزكاة فوالله لا تغصب أموالنا; قال: فقال أبو بكر: والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه; والله لو منعوني عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) قال: لو زَكَّوا وهم مشركون لم ينفعهم.
والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا: معناه: لا يؤدّون زكاة أموالهم; وذلك أن ذلك هو الأشهر من معنى الزكاة، وأن في قوله: (وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) دليلا على أن ذلك كذلك، لأن الكفار الذين عنوا بهذه الآية كانوا لا يشهدون أن لا إله إلا الله، فلو كان قوله: (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) مرادا به الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله لم يكن لقوله: (وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) معنى، لأنه معلوم أن من لا يشهد أن لا إله إلا الله لا يؤمن بالآخرة، وفي إتباع الله قوله: (وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) قوله (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) ما ينبئ عن أن الزكاة في هذا الموضع معنيّ بها زكاة الأموال.
وقوله: (وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) يقول: وهم بقيام الساعة، وبعث الله خلقه أحياء من قبورهم، من بعد بلائهم وفنائهم منكرون.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) }
يقول تعالى ذكره: إن الذين صدقوا الله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم عنه، وذلك هو الصالحات من الأعمال. (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) يقول: لمن فعل ذلك أجر غير منقوص عما وعدهم أن